19 - 10 - 2024

عجايب غراب أبيض | كارثة غرق"عرايانا لا رعايانا" باليونان

عجايب غراب أبيض | كارثة غرق

منذ صباح الأربعاء الماضي يهتم العالم بما وصف بأنه واحدة من أسوأ كوارث "قوارب الموت" في البحر المتوسط. وتتلاحق معها المعلومات الصادمة والأسئلة المؤلمة إزاء غرق سفينة تحمل نحو 750 إنسانا، معظمهم من المصريين والسوريين، وبينهم 40 طفلا، دفعتهم الأوضاع المعيشية في كلا البلدين لركوب هذا الخطر. لكن لم يبدأ الاهتمام عندنا، حتى في وسائل الإعلام، إلا بعد نحو ثلاثة أيام، وعلى استحياء. وبعد بيانين لوزارتي الخارجية والهجرة ليسا بدورهما على مستوى الحدث.

مع هذه الكارثة التي تهز الإنسانية في كل مكان أسئلة مطروحه عالميا عن شبهات سياسة عنصرية منافية لحقوق الإنسان والقانون الدولي من جانب الحكومة اليونانية ومجمل حكومات الاتحاد الأوروبي، وتعمد إغراق سفن وقوارب من يوصفون بالمهاجرين غيرالنظاميين (غير الشرعيين) القادمين من الضفة الجنوبية للمتوسط، وإساءة معاملة من يتمكن من الوصول منهم إلى اليابسة. وبالطبع فإن هناك أوروبيين أحرار يبحثون عن الحقائق وينتقدون ولا يسكتون. 

لكن القائمة الأهم من الأسئلة المحظورة والمحرمة تظل هنا في مصر، ومعها المعلومات ونقد السياسات الرسمية وسوء الإدارة والفساد والفقر والجوع والبطالة واللامساواة وإهدار الآدمية، والتي تدفع اليوم وغدا بمصريين إلى المخاطرة بحياتهم ثمنا لرحلات الهجرة المميتة. وبالطبع ليس الحل هو مواجهة الشباب اليائس هنا والطامح في حياة  أكثر آدمية بالهجرة إلى هناك، بتشديد القبضة الأمنية والعقوبات إرضاء لليمين العنصري الأوروبي. 

ولنسأل أنفسنا أولا: لماذا تجاوزنا مطالبة المفكر"خالد محمد خالد" في كتابه الصادر عام 1951 "مواطنون لا رعايا" إلى الأنين بلامجاهرة: "رعايا لاعرايا"؟. 

وعجايب!
--------------------------------
بقلم: كارم يحيى

مقالات اخرى للكاتب

عجايب غراب أبيض | يا دكتور زايد.. أنصف د. خالد عزب ونفسك